كشفت مصادر عسكرية موثوقة عن قرار صادر من قيادة الجيش السوداني بوقف تزويد الكتائب والجماعات المسلحة المتحالفة معه بالسلاح منذ مطلع مايو الحالي، إلى جانب تجميد عمليات التجنيد لصالح هذه القوى مؤقتًا، في خطوة تُعد مؤشرًا على تصدع التنسيق العسكري بين الجيش وبعض المجموعات المتحالفة ميدانيًا.
وتشمل هذه الجماعات كتائب تابعة للحركة الإسلامية، مثل “البراء بن مالك” و”البنيان المرصوص”، بالإضافة إلى الكتائب الثورية وقوات “درع السودان” وبعض الفصائل الدارفورية المسلحة.
ووفقًا للمصادر، فإن الجيش اكتفى بتزويد هذه الكتائب بالذخائر فقط، دون الأسلحة، وسط مخاوف متزايدة من تماديها في تحركات ميدانية منفردة لا تتسق مع تعليمات القيادة العسكرية، خاصة بعد استعادة القوات المسلحة السيطرة على العاصمة الخرطوم أواخر مارس.
انفلات أمني داخل المدن المستعادة
وجاء القرار عقب تصاعد الشكاوى من تجاوزات الكتائب في الأحياء السكنية، حيث أقامت نقاط تفتيش و”مراكز احتجاز” غير رسمية، وسط اتهامات بممارسة التعذيب والتصفية بحق مدنيين يُشتبه بتعاونهم مع قوات الدعم السريع. كما رفضت هيئة الاستخبارات العسكرية السماح بتحول هذه الكتائب إلى أجهزة أمنية موازية.
وأقر عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، الفريق شمس الدين كباشي، في 3 مايو، بعدم انضباط تلك القوات، مطالبًا بإخراجها من المدن المستعادة محذرًا من خطر السلاح المنفلت.
غياب الشرطة يعزز تغوّل الكتائب
تشير التقارير إلى أن الشرطة تعمل بنسبة لا تتجاوز 15% من طاقتها، ما فتح المجال أمام الكتائب للانتشار داخل المدن وممارسة دور أمني غير رسمي. وفي هذا السياق، وصف قائد كتيبة “البراء بن مالك” المطالبات بتنظيم قواته بأنها محاولة “لنزع شرعية المقاتلين”، موجهًا انتقادًا حادًا للجان المقاومة التي تطالب بدمج كافة القوى في الجيش.
مطالبات بالدمج ورفض مبكر لنموذج مكرر
وتحذر لجان المقاومة من تكرار تجربة الدعم السريع عبر السماح لقوى موازية بالتمدد داخل المؤسسة العسكرية، مشددة على ضرورة دمج جميع التشكيلات المسلحة في الجيش الوطني تحت قيادة واحدة، في إطار إصلاح أمني شامل يضمن احتكار الدولة للسلاح وفرض سيادة القانون.