تتكشف فصول مروعة من المعاناة داخل سجن ودمدني بولاية الجزيرة، حيث تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، مع تزايد أعداد الوفيات بين السجناء نتيجة الأمراض والتعذيب وسوء التغذية، في ظل ظروف احتجاز توصف باللاإنسانية.
أفاد نزلاء سابقون بأن العشرات لقوا حتفهم داخل السجن نتيجة مضاعفات أمراض مثل السكري، الكوليرا، وفقر الدم، بينما تُركت بعض الجثث لأيام في العراء داخل أكياس الموتى دون دفن، لتتحلل تحت أشعة الشمس. وذكر نزيل سابق أن بعض الضحايا دُفنوا بملابسهم، بينما أُلقيت جثث آخرين في المياه، وسط غياب تام للرعاية الصحية.
ويروي النزيل السابق (ي، ق) تجربته الصادمة التي استمرت 55 يومًا، قال خلالها إنه كان من بين 7,000 معتقل يعيشون في ظروف خانقة. وقد شهد وفاة 137 سجينًا بسبب الكوليرا والتعذيب، مشيرًا إلى أن الطعام كان شحيحًا ومكونًا فقط من بليلة وكوب ماء، مع غياب الاستحمام وانتشار القمل والأمراض الجلدية.
تم احتجاز المعتقلين في أماكن ضيقة وغير مهيأة، من بينها قاعات مغلقة ومكاتب تضم أكثر من 70 شخصًا دون تهوية، فيما كان التعذيب جزءًا يوميًا من الحياة داخل المعتقل. كما توفي سجناء بسبب الجوع والعطش، أو بسبب حرمانهم من الأدوية الأساسية كأدوية الضغط والسكري.
وتحدث (ي، ق) عن عمليات تصفية داخل ودمدني نفذتها عدة جهات أمنية، مشيرًا إلى أن قوات الشرطة أعدمت بعض عناصرها بتهمة “التواطؤ” مع العدو، في حين منعت قوات مشتركة استمرار عمليات القتل بعد اشتباكات مع قوات درع السودان.
ورغم إطلاق سراح نحو ألفي نزيل عقب الضجة التي أثارتها حالات الوفاة الجماعية، لا يزال الآلاف، بينهم نساء وأطفال وكبار سن، محتجزين تحت ظروف مماثلة. العديد ممن خرجوا يعانون من مشاكل نفسية وجسدية، وقد تحول بعضهم إلى ما يشبه “الهياكل العظمية”، وفق شهادة النزيل.
هذا الوضع يسلط الضوء على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان داخل سجون السودان، ويضع السلطات المحلية والجهات الدولية أمام مسؤولية عاجلة للتدخل.