أعلنت مركزية مؤتمر الكنابي في السودان عن رصد انتهاكات واعتداءات خطيرة استهدفت ثلاث قرى زراعية (كنابي) في ولاية الجزيرة خلال الأيام الأخيرة، وسط تصاعد في العنف الموجه ضد سكان هذه المجتمعات المهمشة.
وأفادت المركزية في بيان صحفي تلقته “راديو دبنقا” بأن الاعتداءات طالت كمبو القوز، كمبو زغاوة، وقرية 14 ريفي المسيد، وشملت نهبًا ممنهجًا للممتلكات، ترهيبًا للسكان، واعتقالات تعسفية، في مؤشر على تدهور الوضع الأمني في مناطق الكنابي التي ظلت لعقود خارج تغطية الدولة من حيث الخدمات والحماية.
اتهامات لقوات “كيكل”
وحسب البيان، فقد أظهرت شهادات ومقاطع فيديو تم نشرها أن الانتهاكات تمت على يد قوات مسلحة ترتدي زيًا عسكريًا، يُزعم أنها تابعة لـ”قوات درع السودان” بقيادة أبو عاقلة كيكل، القيادي العسكري الذي انشق عن قوات الدعم السريع في أكتوبر الماضي وانضم إلى الجيش، حيث ينشط حاليًا في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والخرطوم.
وقالت مركزية الكنابي إن هذه القوات تمارس حملة منظمة تهدف إلى تفريغ الكنابي من سكانها، سواء عبر التهجير القسري أو دفع المواطنين إلى المغادرة بفعل الخوف وانعدام الأمن، مشيرة إلى أن هذه السياسات تهدد السلم الاجتماعي وتمس الوجود التاريخي والإنساني لسكان الكنابي.
حالة طوارئ صامتة
ورغم سيطرة الجيش على ولاية الجزيرة منذ نهاية العام الماضي، إلا أن انتهاكات الحقوق والحريات لم تتوقف، بل ارتفعت وتيرتها، وفقًا للبيان، خاصة في المناطق الزراعية التي يتهمها الجيش بـ”التعاون مع قوات الدعم السريع”، وهو ما ينفيه الأهالي باستمرار.
وأكدت المركزية أن بعض المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة دون توجيه أي تهم قانونية، في وقت يتم فيه تجاهل أبسط ضمانات المحاكمة العادلة، في ظل غياب الرقابة القضائية والأمنية.
مطالب بتحقيق دولي
ووصفت المركزية ما يجري بأنه “تصعيد خطير يهدف إلى إعادة تشكيل التركيبة السكانية في مناطق الكنابي، وإخفاء هويتهم التاريخية والاجتماعية”. ودعت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التدخل العاجل لـتوثيق ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، كما طالبت وسائل الإعلام بتسليط الضوء على ما وصفته بـ”حملة ترويع منظمة”.
كما حثّت سكان الكنابي على توثيق الانتهاكات بالصوت والصورة للحفاظ على الأدلة، في ظل ما تعتبره “تقصيرًا رسميًا في حماية المواطنين من الانتهاكات المتكررة”.
خلفية: من هم سكان الكنابي؟
تُعرف الكنابي بأنها قرى زراعية صغيرة يقطنها عمال زراعة موسميون، وغالبًا ما تكون محرومة من الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه، ويعيش فيها مئات الآلاف ممن ينحدرون من مناطق مختلفة من السودان. وتُعد ولاية الجزيرة من أكبر مناطق انتشار الكنابي، حيث تضم ما يزيد عن 2000 كنبو.
ويعاني سكان الكنابي منذ سنوات من تهميش ممنهج وتمييز اجتماعي، ازداد سوءًا مع اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، ومع دخول مناطقهم ضمن بؤر النزاع الأمني والعسكري.