تشهد العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات الأخرى تفشياً واسعاً لمرض الكوليرا، وسط تحذيرات من كارثة صحية وشيكة نتيجة لانهيار النظام الصحي، وتردي الخدمات الطبية، وانعدام مياه الشرب النقية.
وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية تسجيل 2323 حالة إصابة مؤكدة و51 حالة وفاة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، إلا أن أطباء وعاملين في المجال الصحي يشككون في الأرقام الرسمية، مشيرين إلى أن عدد الإصابات قد يكون أعلى بكثير نتيجة ضعف عمليات الرصد والإبلاغ في ظل الحرب الجارية.
وأكد راشد بدر، من نقابة الأطباء، أن غالبية الحالات سُجلت في الخرطوم وأم درمان، حيث تعاني المستشفيات من نقص خطير في المحاليل الوريدية والمواد الطبية الأساسية، في حين أكد ناشطون ومتطوعون من مناطق عدة، من بينها جنوب الخرطوم ومدينة الحاج عبدالله، رصد ارتفاع حاد في عدد الإصابات والوفيات.
وبحسب مصادر طبية في مدينة الحاج عبدالله، تم تسجيل 46 إصابة و6 وفيات خلال أقل من أسبوع، مما دفع السلطات المحلية إلى إغلاق المدارس والأسواق للحد من انتشار الوباء.
وأوضح الدكتور عبد الماجد مردس، خبير الصحة العامة والبيئة، أن تفشي الكوليرا يرتبط بشكل مباشر بـ”تلوث المياه الناتج عن تحلل الجثث ودفنها في مواقع غير مخصصة، وانعدام شبكات الصرف الصحي، وتراكم النفايات“، وهو ما تسبب في تحول بيئي خطير أدى إلى انتشار الذباب والبعوض بشكل غير مسبوق.
وأشار مردس إلى أن غالبية السكان باتوا يعتمدون على مصادر مياه غير آمنة، خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء وتوقف محطات التحلية عن العمل في أكثر من 80% من مناطق البلاد.
ويأتي تفشي الكوليرا في ظل خروج نحو 70% من المستشفيات عن الخدمة بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، ما يجعل السودان على عتبة أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ودعت نقابة الأطباء والمنظمات الصحية إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي، لتوفير الدعم الطبي الطارئ، وإنشاء مراكز علاج متنقلة، وتقديم مياه شرب نظيفة، للحد من الكارثة قبل اتساع رقعتها في بلد يعاني من حرب ومعاناة إنسانية شديدة.