أثار تسريب وثائق عن اتفاق بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يمنح بموجبه المصريين حق استخدام مليون فدان من الأراضي الزراعية بولاية نهر النيل، موجة غضب واسعة، أبرزها بيان شديد اللهجة صادر عن مجلس شورى قبيلة الجعليين.
تحذير ورفض قاطع
في بيان وقعه رئيس المجلس اللواء معاش عبد العزيز أحمد عوض السيد، أكد مجلس الشورى أنه حصل على وثائق مسرّبة من مجلس السيادة ومكتب والي نهر النيل، تفيد بأن الاتفاق تم توقيعه عبر شركة زادنا التابعة للجيش السوداني، ويقضي بمنح المصريين نحو مليون فدان من الأراضي الزراعية في الولاية.

وجاء في البيان:
“إننا في ولاية نهر النيل نرفض بيع أرضنا جملة وتفصيلاً، كما نرفض دخول أي أجانب في حدود ولاية نهر النيل، لأنها من الولايات المحافظة وذات تاريخ عريق.”
اتهامات مباشرة للبرهان
اتهم البيان عبد الفتاح البرهان بـ”قيادة مؤامرة” ضد أهالي نهر النيل، مستغلًا الظرف العسكري الحرج الذي يمر به في حربه مع قوات الدعم السريع لتقديم تنازلات استراتيجية لمصر مقابل الدعم.
ووصف البيان الاتفاق بأنه “تفريط في السيادة الوطنية” و”بيع للأرض تحت غطاء الاستثمار الزراعي”، كما طالب جميع أبناء قبيلة الجعليين بـ”التصدي لهذه المؤامرة”، محذرًا بشكل واضح المصريين من دخول ديار القبيلة:
“نحذر أياً من المصريين كائنًا من كان من الدخول في ديار بني جعل، ولا عذر لمن أنذر.”
أبعاد سياسية واقتصادية
هذا البيان يعد أول تحرك قبلي علني ضد الجيش السوداني بشأن ملف يتعلق بالأرض والسيادة، ويكشف عن بوادر تصدع داخل الحاضنة الاجتماعية والسياسية للقيادة العسكرية. كما يسلّط الضوء على اتساع رفض الشارع المحلي لأي مشاريع استثمارية مصرية في شمال السودان، خصوصاً في ظل تزايد الغضب من الأدوار الإقليمية في الحرب.
الاتفاق المُسرب يثير كذلك تساؤلات حول دور شركة زادنا، التي تسيطر على آلاف الفدادين من الأراضي الزراعية وتدير استثمارات ضخمة باسم المؤسسة العسكرية، وسط غياب الشفافية والمحاسبة.
السياق الأوسع
تأتي هذه التطورات في وقت يعاني فيه السودان من أزمة حرب طاحنة منذ أكثر من عام، وانهيار شبه كامل للمؤسسات، وتزايد الاعتماد على الدعم الخارجي من دول إقليمية، ما يجعل ملف الأراضي الزراعية إحدى الأوراق التي يتم التنازل عنها مقابل المال أو الدعم السياسي والعسكري، بحسب مراقبين.
من المتوقع أن يثير هذا البيان ردود فعل أوسع من قوى اجتماعية ومدنية، وقد يدفع أطرافًا أخرى في شمال السودان إلى اتخاذ مواقف مشابهة، خاصة إذا تأكدت صحة الوثائق المُسربة واتسعت رقعة بيع أو تأجير الأراضي دون الرجوع إلى السكان المحليين أو المؤسسات المدنية.