أعلنت قيادات من المقاومة الشعبية في محلية أبو حمد بولاية نهر النيل، شمال السودان، يوم الأحد 25 مايو 2025، عن تشكيل مليشيا مسلحة جديدة تحت اسم “درع أبو حمد الخاصة”، بقيادة ضابط برتبة مقدم، في خطوة مثيرة للجدل تعكس تصاعد عسكرة المجتمع المحلي في ظل الحرب المستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
أهداف الكتيبة ودورها
في مؤتمر صحفي، أوضح عبد الرحمن العمرابي، أحد قيادات المقاومة بالمحلية، أن الكتيبة الجديدة:
- تعمل تحت إشراف المقاومة الشعبية في أبو حمد.
- هدفها الأساسي “مكافحة الظواهر السلبية”، دون تحديد ماهية هذه الظواهر.
- ستعمل ضمن تنسيق مع القوات المسلحة السودانية.
- بدأت في تدريب الشباب داخل معسكرات تم تجهيزها محليًا.
وأكد العمرابي أن الإعلان رسمي، وجاء نتيجة “حاجة قديمة” لتشكيل وحدات مساندة للقوات النظامية داخل المحلية، وهي منطقة استراتيجية تشتهر بإنتاج الذهب، وتشهد نشاطًا اقتصاديًا وأمنيًا حساسًا.
ردود الفعل وتحذيرات من عسكرة المجتمع
في المقابل، حذرت جهات مدنية ومناهضة للحرب من أن تشكيل ميليشيات جديدة تحت مسميات محلية يزيد من مخاطر الحرب والانفلات الأمني، ويهدد بتحول ولايات آمنة نسبيًا إلى مناطق صراع وتجنيد عشوائي وانتشار سلاح.
وأشارت هذه الجهات إلى أن السودان يشهد منذ اندلاع الحرب توسعاً في تسليح المدنيين، وانخراط الآلاف في القتال ضمن صفوف الجيش أو ميليشيات مساندة، في وقت تنهار فيه سلطة الدولة المركزية وتتفكك أجهزة الحكم المدني.
التوقيت والسياق
- يأتي هذا الإعلان بعد شهر من تصريح نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي، الذي شدد في أبريل 2025 على ضرورة إخراج التشكيلات العسكرية من المدن.
- كما أن أبو حمد منطقة حيوية لإنتاج الذهب، ما يثير تساؤلات حول دوافع اقتصادية وأمنية لتشكيل هذه الكتيبة، خاصة مع تزايد تهريب الذهب وضعف رقابة الدولة.
مخاوف من إنشاء “جيش ظل”
يرى مراقبون أن هذا النوع من المبادرات المحلية – خاصة تحت عناوين مثل “المقاومة الشعبية” – قد يؤدي إلى ظهور أجنحة عسكرية موازية داخل المجتمع، بعيداً عن التسلسل العسكري الرسمي، مما ينذر بتكرار سيناريوهات مشابهة لما حدث في دارفور وكردفان خلال العقود الماضية، حيث خرجت الأمور عن السيطرة وتحولت إلى نزاعات أهلية مسلحة.
خلاصة
تشكيل كتيبة “درع أبو حمد” يمثل تحولاً مقلقاً في الصراع السوداني، إذ ينقل المعركة من جبهات الحرب التقليدية إلى قلب المجتمع المحلي، ويكرّس مبدأ تسليح المجتمعات وتسييس القبائل والمناطق الجغرافية.
وإذا لم يتم احتواء هذه الظاهرة ومراجعة أسسها القانونية والسياسية، فإن خطر تفكك الدولة إلى مناطق نفوذ مسلحة يصبح احتمالاً أكثر واقعية في المستقبل القريب.