حذّرت الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الإنسانية الدولية من تفاقم الأوضاع الصحية في السودان، بعد تسجيل وفاة الآلاف خلال أسبوع واحد نتيجة أمراض غامضة وأخرى معروفة مثل الكوليرا، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، وعجز السلطات المحلية عن التدخل أو الاستجابة.
ووفق تقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ومنظمة اليونيسف، فقد تدهورت الأوضاع بشكل كبير في العاصمة الخرطوم ومدن كبرى مثل أم درمان، حيث خرجت أكثر من 70% من مستشفيات البلاد عن الخدمة بسبب الحرب، وانهارت سلاسل الإمدادات الطبية.
أمراض غريبة وموجة وفيات مفاجئة
تشير مصادر طبية محلية إلى ظهور أعراض “غير مألوفة” شملت حمى مرتفعة، نزيف داخلي، طفح جلدي حاد، وفشل في الأعضاء، وأكدت نقابة أطباء السودان وفاة الآلاف خلال أيام، دون قدرة على تشخيص دقيق بسبب توقف المختبرات المركزية ونقص الأجهزة والتجهيزات.
ومع انعدام الاستجابة الحكومية، تفاقمت المخاوف من انتشار أوبئة جديدة أو تطور سلالات غير معروفة وسط بيئة ملوثة ونزوح واسع للسكان.
الكوليرا وسوء التغذية: خطر مزدوج يهدد الأطفال
في تقرير صدر الأربعاء، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من تصاعد خطر وباء الكوليرا، خصوصًا بين الأطفال. وتم تسجيل أكثر من 7700 إصابة بالكوليرا و185 وفاة في ولاية الخرطوم وحدها، من بينها أكثر من 1000 إصابة بين أطفال دون الخامسة.
وقال ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون يت:
“يتعرض المزيد من الأطفال يوميًا لهذا التهديد المزدوج المتمثل في الكوليرا وسوء التغذية. كلاهما يمكن الوقاية منهما وعلاجهما، إذا تمكّنا من الوصول إليهم في الوقت المناسب.”
نزوح جماعي وأحياء بلا ماء أو صرف صحي
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، اضطر أكثر من 13 مليون شخص إلى النزوح داخل السودان، وفرّ أكثر من 3 ملايين آخرين إلى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة. ومع عودة أعداد قليلة إلى بعض أحياء الخرطوم مؤخرًا، تفاجأ كثيرون بانعدام الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مع استمرار أعمال النهب والقصف.
وفي مدينة أم درمان، ارتفعت أسعار مياه الشرب بشكل صادم، حيث تفيد منظمات محلية أن حمولة مياه واحدة باتت تكلف أكثر من ثلاثة أضعاف راتب الموظف الشهري، وسط أزمة عطش حادة تفاقمت مع بداية موسم الصيف.
تحذيرات من مجاعة وكارثة صحية ممتدة
حذّرت وكالات الإغاثة من أن الوضع يتجه نحو كارثة إنسانية وصحية شاملة، حيث تعاني ولايات الشمال والغرب والشرق من نقص حاد في الغذاء وصعوبة كبيرة في الوصول إلى أي نوع من الرعاية الطبية، في ظل استهداف ممنهج للبنية التحتية الصحية، وغياب الاستقرار الأمني.
وتناشد الأمم المتحدة وشركاؤها الدوليون المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتقديم الدعم الطبي والإنساني، وضمان وصول فرق الإغاثة إلى المناطق المتضررة، محذرة من أن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في إنقاذ ملايين الأرواح.