حذّر البنك الدولي في تقرير جديد من استمرار الانهيار الاقتصادي في السودان، متوقعًا انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.5% إضافية في عام 2024، بعد أن انخفض بنحو 29.4% في عام 2023، نتيجة للحرب المدمرة التي اندلعت في أبريل من العام الماضي.
وأوضح التقرير، الصادر اليوم بعنوان “العواقب الاقتصادية والاجتماعية للنزاع: رسم طريق للتعافي”، أن النزاع المستمر دفع البلاد إلى حافة الانهيار الشامل، حيث يشمل الفقر المدقع نحو 71% من السكان، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
12.9 مليون نازح وتهديد بالمجاعة
ووفقًا للتقرير، أدت الحرب إلى أكبر أزمة نزوح عالمية حالياً، حيث شُرِّد نحو 12.9 مليون شخص من ديارهم، بينما تأكدت حالات مجاعة فعلية في بعض المناطق، أبرزها في أحد المخيمات بمنتصف عام 2024.
وتضاعف معدل الفقر المدقع – المعرّف بالعيش بأقل من 2.15 دولار يوميًا – أكثر من مرتين، مقارنة بنسبة 33% في عام 2022، بينما قفزت البطالة إلى 47%، وسط تسارع كبير في التضخم الذي بلغ 170% هذا العام.
انهيار الجنيه وتراجع الإيرادات الحكومية
وأشار التقرير إلى أن العملة الوطنية انهارت بشكل كبير، بينما تراجعت الإيرادات الحكومية إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقارنة بـ10% في 2022، مما قيد قدرة الدولة على تسيير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
الزراعة مفتاح التعافي.. لكنها منكوبة
حدّد البنك الدولي القطاع الزراعي كمحرك أساسي لتعافي الاقتصاد، كونه يمثل 35% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل أكثر من 40% من القوى العاملة. لكن النزاع أدى إلى تدمير هذا القطاع الحيوي، خاصة بعد اتساع رقعة القتال إلى ولاية الجزيرة، أحد أهم أقاليم الإنتاج الزراعي في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن إنتاج الحبوب انخفض بنسبة 46% في عام 2023، ما فاقم من انعدام الأمن الغذائي وهدد سبل العيش للملايين من المزارعين.
تعافٍ طويل الأمد يتطلب إصلاحات عميقة
توقع البنك الدولي أن اقتصاد السودان لن يعود إلى مستوياته ما قبل الحرب قبل عام 2031، ما لم يتحقق السلام وتُنفذ إصلاحات هيكلية جذرية، من بينها:
- استئناف العمل بمبادرة إعفاء ديون البلدان الفقيرة (HIPC)
- وقف الدعم الشامل للسلع مثل الكهرباء
- اعتماد سعر صرف موحد
- إعادة توجيه الإنفاق العام من المؤسسات العسكرية إلى التعليم والصحة والزراعة
وحذّر التقرير من أن استمرار النزاع سيجعل أي جهود للتعافي الاقتصادي “عديمة الجدوى”، داعيًا إلى تحقيق السلام العاجل، وبناء مؤسسات مدنية قادرة على إدارة البلاد وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية واسعة.