في تصعيد جديد يهدد بتوسيع رقعة النزاع السوداني إلى حدود إقليمية أوسع، نفى الجيش الليبي بشدة اتهامات الجيش السوداني بالتورط في الهجوم الذي شنّته قوات الدعم السريع على موقع حدودي في منطقة العوينات، الواقعة عند المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر.
نفي ليبي واتهامات سودانية مباشرة
وفي بيان رسمي صدر الثلاثاء، قال الجيش الليبي إنه يرفض “الزج باسمه في النزاع السوداني”، متهمًا في المقابل قوات سودانية بالاعتداء على دورياته العسكرية أثناء تنفيذ مهام تأمين الحدود الليبية.
لكن الجيش السوداني أصرّ في بيان له على أن الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع جاء بدعم مباشر من كتيبة سلفية تابعة للجيش الليبي، وتحديدًا كتيبة “سبل السلام”، وهي وحدة موالية للقيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر، ومقرها في مدينة الكفرة جنوب ليبيا.
اشتباكات دامية في العوينات
وبحسب مصادر ميدانية، اندلعت اشتباكات عنيفة يوم الجمعة الماضي بين قوة مشتركة من الحركات المسلحة السودانية (المتحالفة مع الجيش) وقوة ليبية، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الجانبين. وأكد الشيخ عبد الرحمن هاشم، قائد كتيبة السلام، أن المعركة خلّفت مقتل جنديين سودانيين، فيما أُسر ثلاثة جنود ليبيين من كتيبته.
كما بثّت قوات الدعم السريع مقطع فيديو أعلنت فيه سيطرتها على منطقة العوينات، في خطوة وصفتها القوات المسلحة السودانية بأنها انتهاك للسيادة و”امتداد لمخطط إقليمي ضد السودان”.
اتهامات للإمارات وتحذيرات من انفجار إقليمي
لم يقتصر بيان الجيش السوداني على ليبيا، بل ذهب إلى اتهام دولة الإمارات بتقديم دعم عسكري مباشر لقوات الدعم السريع، إلى جانب دعمها عبر “مليشيات متحالفة” في المنطقة، ما وصفه الجيش بـ”تهديد مباشر لأمن السودان ووحدته”.
الجيش حذّر من أن هذا التدخل الليبي ـ الإماراتي يُعد مؤشراً خطيراً على نية بعض الأطراف نقل الحرب السودانية إلى مرحلة إقليمية، خصوصًا في ظل تداخلات أمنية وعسكرية معقدة في المثلث الحدودي، الذي يُعد ممراً مهماً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين.
الخلفية: نزاع متصاعد بلا أفق للحل
تأتي هذه التطورات ضمن الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهي حرب تفجرت عقب خلافات حول الترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة، وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى ونزوح الملايين.
قراءة في البعد الاستراتيجي
يشير محللون إلى أن منطقة العوينات تكتسب أهمية مزدوجة: جغرافية، كونها نقطة التقاء ثلاث دول، وأمنية، لكونها منطقة رخوة يسهل استغلالها لتهريب السلاح وتسلل المقاتلين، ما يجعلها ذات حساسية بالغة للقوى الإقليمية، وخاصة مصر وليبيا.
وبينما ينفي الجيش الليبي بقيادة حفتر أي دور في النزاع، تؤكد تقارير استخباراتية وإعلامية أن هناك تنسيقًا ميدانيًا متزايدًا بين قوات الدعم السريع وبعض الوحدات الليبية، وهو ما يعكس تغيرًا محتملاً في خريطة التحالفات الإقليمية داخل الصراع السوداني.