حذّر تقرير صادر عن مجلة “أفريكان ديفينس فورم” المتخصصة في قضايا الأمن والدفاع في القارة الإفريقية، من أن تزايد ظهور الجماعات المسلحة في المشهد السوداني ينذر بإطالة أمد الحرب وتحولها إلى صراعات متعددة الأوجه، قد يصعب احتواؤها في المستقبل القريب.
من صراع ثنائي إلى حروب متشعبة
ووفقًا للتقرير الذي نُشر يوم الثلاثاء، فإن الحرب في السودان لم تعد تقتصر على القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بل تحولت إلى ساحة مفتوحة لانخراط ميليشيات قبلية، جماعات مسلحة مدنية، ومقاتلين متمردين، بعضها ينشط بدوافع أيديولوجية أو قبلية، وأخرى مدفوعة بأجندات محلية ضيقة.
ويضيف التقرير أن هذا التشظي يعقّد الأزمة بشكل كبير، حيث بدأت تظهر وحدات مسلحة أهلية تُعرف باسم “وحدات دفاع الأحياء” في مناطق متعددة مثل الخرطوم وشمال وجنوب وغرب كردفان، إضافة إلى شمال دارفور، مما يوسّع رقعة الاشتباكات ويصعّب التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
تحالفات مرنة وأجندات متضاربة
وفي إقليم دارفور وكردفان، يشير التقرير إلى بروز الميليشيات القبلية والإقليمية كلاعبين فاعلين، حيث انخرط بعضها في تحالفات مع الجيش السوداني، بينما يسعى البعض الآخر لاستغلال الفوضى لتعزيز نفوذه أو تحقيق مصالحه الخاصة، خصوصًا في ظل هشاشة المؤسسات وانهيار سلطة الدولة المركزية.
كما رصد التقرير ظهور فصائل إسلامية مسلحة متشددة، أبرزها “لواء البراء بن مالك” الذي يقاتل إلى جانب القوات المسلحة السودانية، و**”فصائل المقاومة الشعبية”** التي تنشط في مناطق متعددة. ويحذر التقرير من أن هذه الجماعات لا تخضع لقيادة موحدة أو رؤية سياسية مشتركة، مما يعزز خطر نشوء مناطق نفوذ مستقلّة يخضع فيها المدنيون لحكم غير خاضع للدولة، ما يهدد بإفشال أي محاولة لإعادة بناء الدولة الوطنية لاحقًا.
انفجار قادم لحروب صغيرة داخل حرب كبرى
يلفت التقرير الانتباه إلى أن معظم هذه الجماعات المسلحة لا تتقاسم نفس الأهداف:
- بعضهم يقاتل بدافع الدفاع عن النفس أو الحماية المحلية.
- آخرون يطمحون للسلطة السياسية أو نهب الموارد والثروات.
- وهناك من يسعى لـفرض هيمنة عرقية، وهو ما يُنذر بتحول الحرب من صراع سياسي إلى صراعات أهلية عرقية مفتوحة.
ووفق التقرير، فإن هذا التشرذم من شأنه أن يحوّل الحرب السودانية إلى مجموعة من النزاعات الصغيرة داخل الحرب الكبرى، ويجعل من الصعب التوصل إلى حل شامل ما لم يتم احتواء هذه الجماعات ضمن رؤية وطنية جامعة.
تحذير من تقويض مشروع الدولة
ويختم التقرير بتأكيد أن استمرار تمدد الميليشيات، في ظل غياب حل سياسي شامل وغياب سلطة مركزية فعالة، قد يؤدي إلى انهيار كامل لفكرة الدولة في السودان، وظهور “جيوب سلطة” يديرها أمراء حرب محليون لا يلتزمون بأي مرجعية وطنية أو قانونية.