يشهد السودان جدلاً واسعاً حول اقتراح إنشاء حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع”، حيث تتباين الآراء بشكل حاد حول جدوى الفكرة وتأثيراتها المستقبلية. في الوقت الذي تواصل فيه القوى المعارضة للجيش السوداني مشاوراتها بشأن هذه الفكرة، يتزايد القلق من احتمالات تقسيم البلاد إذا تم تنفيذها.
في سياق ذلك، أُعيد طرح فكرة تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع” كمواجهة للحكومة الحالية في بورتسودان التي يهيمن عليها الجيش السوداني. بعض القوى السياسية المعارضة تدعم الفكرة في إطار سعيها لإلغاء شرعية الحكومة الحالية، في حين تخشى قوى أخرى من تفاقم الانقسامات في البلاد.
المواقف المتباينة داخل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية
في داخل “تنسقية القوى الديمقراطية المدنية” (تقدم)، هناك تباين كبير في المواقف. دعم بعض الأعضاء فكرة الحكومة الموازية باعتبارها خطوة ضرورية لمواجهة شرعية الحكومة الحالية، بينما يشعر آخرون بقلق من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى مزيد من التقسيم في السودان. نائب رئيس التنسيقية، الهادي إدريس، الذي يعد من أبرز داعمي فكرة الحكومة الموازية، أكد أن المسعى مستمر رغم الخلافات، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة قد تحصل على الاعتراف الدولي إذا توحدت القوى السياسية وراءها.
رفض قوى سياسية فكرة الحكومة الموازية
من جهة أخرى، اعتبرت قوى سياسية مثل حزب المؤتمر السوداني و”تجمع المهنيين” أن تشكيل حكومة موازية يعقد الوضع أكثر ويهدد بإطالة أمد الحرب ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات. رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، شدد على أن الحل هو تحقيق التوافق المدني لإنهاء الحرب، محذرًا من أي محاولات لإنشاء حكومة في مناطق “الدعم السريع” التي يمكن أن تفتقر إلى دعم شعبي.
الجانب العسكري ورفض الحكومة الحالية
على الجانب الآخر، عبر مستشار قائد قوات “الدعم السريع”، إبراهيم مخير، عن دعم فكرة الحكومة الموازية، مشيرًا إلى أن الحكومة المقبلة يجب أن تمثل جميع السودانيين بما في ذلك ممثلين من المناطق غير المحررة، وأوضح أن الحكومة الحالية في بورتسودان فاقدة للشرعية كونها نتاج انقلاب أكتوبر 2021، وأن قوات “الدعم السريع” تهدف إلى حماية الحكومة المقترحة.
مواقف الجبهة العريضة
حركة جيش تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور دعت إلى تشكيل جبهة مدنية عريضة تشمل جميع السودانيين لإنهاء الحرب، قبل التفكير في تشكيل أي حكومة موازية، مشددين على أن الشعب السوداني هو من يملك التفويض والشرعية الحقيقية.
التحديات والتوقعات المستقبلية
أستاذ العلوم السياسية عبد الغفار يوسف مكي حذر من أن إنشاء حكومة موازية قد يأتي متأخرًا، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تهدد بتمزيق القوى المناهضة للحرب ويصعب التوصل إلى تسوية سياسية. كما أضاف أن تشكيل حكومة في مناطق سيطرة “الدعم السريع” قد يعيد للسودان سيناريو مماثل لتجربة ليبيا، حيث يتسبب الانقسام في تعقيد الحلول السياسية.
مشاركة دولية وعملية التفاوض
فيما يخص المشاورات الدولية، أشار مكي إلى أن التورط في إعلان حكومة موازية قد يعطل جهود المجتمع الدولي الذي يركز على مفاوضات بين الجيش السوداني و”الدعم السريع”، وهو ما قد يعقد فرص التوصل إلى تسوية شاملة.
خلاصة
في الختام، يشهد السودان مرحلة حرجة في تحديد مصير حكومته المستقبلية في ظل النزاع المستمر. بينما تدعم بعض القوى السياسية فكرة الحكومة الموازية باعتبارها خطوة لتحقيق السلام، يرى آخرون أن هذا التوجه قد يزيد من تعقيد الوضع ويهدد بتقسيم البلاد بشكل نهائي.