في تطور جديد يثير قلقًا دوليًا، أصدرت الإدارة الأمريكية عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، متهمة إياه بتورطه في تعطيل التحول المدني الديمقراطي في السودان، من خلال الانقلاب في 25 أكتوبر 2021 واندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. لكن الاتهامات التي أثارت الدهشة كانت متعلقة باستخدام الجيش السوداني الأسلحة الكيميائية في صراعه ضد قوات الدعم السريع، مما يشير إلى تصعيد غير مسبوق في النزاع الدائر.
تفاصيل العقوبات:
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على البرهان بسبب انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان، من بينها استهداف المدنيين وإعدامهم، واستخدام التجويع كتكتيك حرب، مما يعكس انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي. وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن “القوات السودانية المسلحة بقيادة البرهان ارتكبت فظائع ضد المدنيين، وهو ما يستدعي هذه العقوبات”. ويأتي هذا بعد تقارير صحفية، لا سيما من صحيفة “نيويورك تايمز”، التي كشفت عن استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية ضد قوات الدعم السريع في مناسبتين على الأقل.
نوعية السلاح الكيميائي:
وفقًا للمصادر الأمريكية، فإن المعلومات حول الأسلحة الكيميائية المستخدمة في السودان محدودة، ويقتصر المعرفة بها على دائرة ضيقة داخل الجيش السوداني. وتشير التقارير إلى أن البرهان سمح باستخدام هذه الأسلحة ضد قوات الدعم السريع، ما يثير مخاوف بشأن إمكانية استخدامها في مناطق أكثر كثافة سكانية مثل الخرطوم.
استخدامات سابقة للأسلحة الكيميائية:
لم تكن هذه الاتهامات هي الأولى. ففي عام 2016، اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية باستخدام الأسلحة الكيميائية في دارفور، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، خاصة الأطفال. وفي هذه الحملة، تعرض الضحايا لـ”دخان سام” تسببت في التسمم، مما يعزز احتمال أن الجيش السوداني كان يستخدم هذا النوع من الأسلحة بشكل ممنهج ضد مواطنيه.
التحليل السياسي والتداعيات:
المحللون السياسيون يشيرون إلى أن هذه الاتهامات قد تُشكل نقطة تحول حاسمة في النزاع السوداني. ويعتقد البعض أن استخدام الأسلحة الكيميائية قد يُفتح الباب أمام إحالة الملف السوداني إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، خاصة إذا استمرت هذه الانتهاكات واعتُبرت جزءًا من سياسة ممنهجة. المحلل السياسي عمر سفيان سالم يوضح أن استخدام أسلحة محرمة دوليًا يعكس غياب الإنسانية في تعامل الجيش السوداني مع المدنيين، ويشير إلى أن هذه الاتهامات قد تؤدي إلى تحرك دولي أكبر، بما في ذلك احتمال محاكمة البرهان أمام الجنائية الدولية.
ما الذي يعنيه هذا للبرهان؟
في ظل هذه التطورات، قد يجد البرهان نفسه في موقف صعب، حيث يواجه ليس فقط الضغوط المحلية نتيجة فشله في تحقيق النصر العسكري على قوات الدعم السريع، بل أيضًا الضغوط الدولية المتزايدة. الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيميائية قد تسهم في عزلته عن المجتمع الدولي، وربما تدفع بعض الدول إلى فرض مزيد من العقوبات عليه، أو حتى دعم الجهود التي تهدف إلى محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.
الخلاصة:
إلى جانب فشل الجيش السوداني في تحقيق انتصارات ملموسة في المعركة ضد قوات الدعم السريع، قد تُعتبر الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيميائية بمثابة خطوة نحو تصعيد النزاع على الساحة الدولية. إذا ثبتت هذه الاتهامات، فإن البرهان قد يُواجه تداعيات قانونية خطيرة قد تقوده إلى المحكمة الجنائية الدولية، ما يشير إلى فترة قاتمة أخرى في تاريخ السودان السياسي والعسكري.