حسن زين العابدين
من عجائب حرب أبريل السبعة، أن اجتمعت فيها النقائض، وزالت فيها كافة الحجب والستور، فلم تعد هناك طاقة أو حاجة للتصنّع. لكن ما كشفته هذه الحرب جاء محبطاً – للبعض وليس لي – وعلى غير المتوقع.
لقد بلغ سيل الخيانة الزبى، وها هي المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الإفريقي (صيحة)، السيدة “هالة الكارب”، قد وصل بها الانحطاط إلى القبول بالعمل كـ”قوادة” في مأخور الملتحين القتلة، لتبيض حمرة ما سفكوا من دماء، ونسب الانتهاكات – كذباً – لخصومهم في قوات الدعم السريع. يا ترى، على ماذا حصلت مسؤولة “تستيف الورق” هذه، مقابل أن تجمع أكاذيب “علي كرتي” ورفاقه وتضع عليها ختم المرأة السودانية المفترى عليها والمجتمع المدني الكذوب، من خلال منظمة “صيحة” النسوية، التي تحتكر قضايا المرأة وتمويل منظماتها الصغيرة، لصاحبتها السيدة هالة الكارب، ولا شريك لها؟!
علمنا أن السلطات الأوغندية تُجري تحقيقات حول أعمال مشبوهة قامت بها المديرة الإقليمية لشبكة نساء القرن الإفريقي “هالة الكارب”، ومنها رفعها تقارير كاذبة عن الانتهاكات ضد النساء في ظل الحرب، بالإضافة إلى إعداد تقارير مضللة عن النساء في معسكر “كرياندنقو” غرب أوغندا.
وتأكدت الأنباء أيضاً عن أن “الكارب” سافرت سابقاً إلى بورتسودان، حيث التقت بمالك عقار وشمس الدين كباشي، إضافة إلى “قيادات أمنية رفيعة”. هذا اللقاء أسقط ورقة التوت التي كانت تستر عورة “قوادة المجتمع المدني والمرأة السودانية”، والتي ظلّت ولسنوات تتكسب من مصائب الفقيرات من نساء السودان، ممن ألقى بهن حظهن العاثر في طريق سيدة لا تلتزم حتى بسرية المعلومات الشخصية للحالات التي تتولاها منظمتها “صيحة”. إذ سرعان ما كانت تُفضَح كل تفاصيل الضحايا، بمجرد تواصلهم مع هذه المنظمة.
لقد أصاب “هالة الكارب” السعار في عقود الإنقاذ العجاف، وهي تلهث خلف التمويل والمال. صارت لا ترى في أي ضحية عنف جنسي سوى مصدر لمزيد من الأموال، وهي التي “تكنكش” في منصب الرئيس بمنظمتها، وكأن حواء السودان قد عقرت عن إنجاب امرأة أخرى تقوم بهذه المهمة غير الملهمة لأي أحد!
لطالما اختلقت أمثال “هالة” الجرائم والحالات، ودبجن القصص القصيرة المحبوكة بالأسماء الوهمية. وإن لم تستح، فافعل ما شئت.
اسألوا “هالة الكارب” عن المديرة التنفيذية لمنظمة “صيحة”، نعمات أبوبكر، الموالية لاستخبارات الجيش وحركة الإسلاميين. اسألوها عن دورها في تزييف تقارير الاغتصابات، وهي بالمناسبة زوجة عميل الاستخبارات سيئ السمعة “أمجد فريد”، الذي حكمت محكمة بتطليق زوجته السابقة “ساندرا كدودة” منه، بسبب ضربه المتكرر لها. بل إن عنفه هذا امتد حتى والدته في حوادث مشهودة رواها المقربون منه.
اسألوا “هالة الكارب” عن تزييف الحقائق في تقارير منظمتها، وكيف أن هذا التزييف يضيع حقوق ضحايا حقيقيات في أجزاء أخرى من السودان.
هل تحتاج انتهاكات الجيش السوداني بحق النساء إلى إثبات، وهي مبذولة بالصوت والصورة على وسائط التواصل الاجتماعي؟ بالطبع لا. ومع ذلك، لا تجد “هالة” وقتاً لهذه الصرخات، مثل صرخة السيدة “مريومة” الأخيرة في الجزيرة ، التي تحملت صنوف الضرب والإهانة، لكن صرختها كانت أشد حين وصفها الجلاد بالعاهرة.
على جهاز أمن الحركة الإسلامية تكريم “هالة الكارب”، بعد عودتها ملطخة بعار أكاذيبها. وعلى استخبارات “علي كرتي” وكتائب “البراء بن مالك” منحها وسام الإنجاز، كونها نابت عنهم في إلباس أكاذيبهم ثياب الحق. لقد أظهرت وفاءً لتلك الأجندات العنصرية في كل ما يتعلق بنساء غرب وجنوب السودان، عبر دورها “القذر” كأداة تنفذ سياسات الإخوان.
ورغم سقوط “هالة الكارب” المدوي كإحدى مفاجآت حرب أبريل – التي تقترب من إكمال عامها الثاني – فمن المتوقع أن تتوالى السقطات. هناك جهات تحتفظ بأدلة موثقة عن فتيات تم استغلال عوزهن المادي للشهادة زوراً في حوادث اغتصاب لم تحدث إلا في دفاتر استخبارات الجيش.
إنه بحق “رزق القوّادين”، على حساب “المساكين”. وافضحي، يا حرب أبريل، لأننا لن نتحرر إلا بمعرفة الحقيقة واتخاذها سبيلاً للخلاص.