بعد أكثر من عامين من الحرب المستمرة في السودان، أصبح انتشار الحركات المسلحة يشكل تهديدًا متزايدًا لمستقبل البلاد، الذي أصبح مهددًا بفعل الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023، كان هناك ما يقارب 80 مجموعة مسلحة خارج مظلة الجيش، ولكن مع تصاعد الحرب، نشأت أكثر من 10 حركات جديدة ليصل العدد الإجمالي إلى 90 حركة مسلحة.
وتوزعت هذه الحركات المسلحة على عدد من المناطق السودانية، أبرزها دارفور التي تضم حوالي 70 مجموعة مسلحة، تليها شرق السودان بنحو 8 حركات، وكردفان والنيل الأزرق وشمال السودان بحركتين لكل منطقة. بالإضافة إلى الحركات التي تهيمن على المنطقة المحورية في البحر الأحمر ووسط السودان.
تزايد الحركات المسلحة أثار مخاوف كبيرة لدى المراقبين، حيث يرى البعض أن هذه الظاهرة تساهم في تعقيد المشهد الأمني في ظل الاصطفافات القبلية المتزايدة، فضلاً عن استنزاف الموارد الاقتصادية للبلاد التي تضررت بشدة جراء الحرب. فقد فقدت البلاد أكثر من 80% من قدراتها الاقتصادية، مما يعمق الأزمة ويزيد من هشاشة الأوضاع.
وقد وصف أستاذ العلوم السياسية محمد خليفة هذه الظاهرة بـ “التكاثر الأميبي”، محذرًا من أن هذا التزايد يفتح الباب أمام خطر الحركات العابرة للحدود، التي يمكن أن تستفيد من الأوضاع الجيوسياسية لتمرير مصالح خاصة، خاصة في منطقة البحر الأحمر التي تمتاز بحدود مشتركة مع عدد من دول الجوار.
من جانب آخر، أثار الوضع السياسي الحساس مخاوف من أن تصبح بعض الحركات المسلحة أدوات لتنفيذ أجندات سياسية خاصة، خصوصًا مع الاتهامات التي وجهت لبعض الحركات المدعومة من تنظيم الإخوان.
وفي هذا السياق، حذر محللون سياسيون من أن هذا التكاثر للحركات المسلحة قد يؤدي إلى مزيد من التفكك داخل النسيج الاجتماعي السوداني، محذرين من أن هذه الحركات قد تسهم في زيادة الفجوات العرقية والقبلية إذا ما استمرت في التوسع والنشاط في مناطق متفرقة من السودان.
وفي الختام، يتفق العديد من المحللين على أن السودان بحاجة إلى معالجة شاملة للأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الحركات، وأن الحلول العسكرية وحدها لن تنهي هذه الظاهرة، بل يجب أن يترافق ذلك مع حلول سياسية واجتماعية طويلة الأمد.