في تصعيد جديد على الساحة الدبلوماسية، نفت دولة الإمارات العربية المتحدة أي علاقة لها بالهجمات التي استهدفت مدينة بورتسودان منذ الرابع من مايو، مؤكدة أنها “ادعاءات لا أساس لها من الصحة” تهدف إلى صرف الأنظار عن الإخفاقات العسكرية للجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.
وقال مسؤول إماراتي رفيع، في تصريح صحفي يوم الثلاثاء، إن بلاده تدين بشكل قاطع الهجوم الذي طال المدينة الساحلية، والتي أصبحت منذ بداية الحرب مقرًا فعليًا للحكومة السودانية. وأضاف: “الإمارات لم تشارك في أي عمليات عسكرية ضد السودان، وتلك المزاعم تفتقر إلى أي أدلة ملموسة”.
السودان يتهم الإمارات بـ”التدخل المباشر”
وكان الجيش السوداني قد اتهم الإمارات مرارًا خلال الأشهر الماضية بدعم قوات الدعم السريع بالأسلحة والطائرات المسيّرة، لكن الهجوم الأخير على بورتسودان مثّل نقطة تحول خطيرة، حيث زعم مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، أن الطائرات التي استهدفت المدينة انطلقت من قاعدة عسكرية إماراتية على البحر الأحمر، وبدعم من سفن حربية إماراتية.
كما أشار إدريس إلى أن الهجوم جاء بعد يوم واحد من قيام الجيش السوداني بإسقاط طائرة يُشتبه في أنها إماراتية في مدينة نيالا بجنوب دارفور، مما أسفر عن مقتل 13 أجنبيًا، من بينهم “عناصر إماراتية”، بحسب قوله.
قطع العلاقات الدبلوماسية وتصاعد التوتر
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الخرطوم في وقت سابق من هذا الشهر عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أبوظبي، متهمة إياها بتوفير أسلحة متطورة ودعم لوجستي لقوات الدعم السريع في إطار الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
ورغم أن الإمارات نفت مرارًا أي تورط عسكري مباشر في النزاع السوداني، إلا أن الحكومة السودانية تمسكت باتهاماتها، وسبق أن رفعت قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة “التواطؤ في الإبادة الجماعية”، إلا أن المحكمة رفضت النظر في الدعوى في بداية الشهر الحالي، ما اعتبرته الخرطوم “خيبة أمل قانونية وسياسية”.
الهجمات المسيّرة تغيّر ملامح الحرب
تشير مصادر ميدانية إلى أن مدينة بورتسودان، التي ظلت بعيدة عن خط النار منذ بداية الحرب، تعرّضت لأول مرة لهجمات متكررة بالطائرات المسيّرة، استهدفت منشآت استراتيجية مثل مطار المدينة، ومستودعات الوقود، ومقار الجيش، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء وتعطل خدمات المياه والاتصالات، في تصعيد وُصف بـ”النوعي والخطير”.
وقال محللون إن استخدام المسيرات في بورتسودان يكشف عن نقلة في القدرات العسكرية لقوات الدعم السريع، كما يطرح تساؤلات بشأن الدعم الخارجي الذي قد تحصل عليه هذه القوات، وهو ما يجعل الاتهامات السودانية للإمارات محل تدقيق إقليمي ودولي.
قراءة تحليلية: حرب بالوكالة أم توظيف للصراع الإقليمي؟
بينما تنفي الإمارات أي ضلوع مباشر في الحرب السودانية، يرى مراقبون أن تبادل الاتهامات بين الخرطوم وأبوظبي يعكس صراعًا أوسع بين أطراف إقليمية تتنافس على النفوذ في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. كما أن تحوّل الدعم السريع من مليشيا شبه رسمية إلى كيان يسعى لتأسيس حكومة موازية في مناطق سيطرته يعزز مخاوف الدول المجاورة من سيناريوهات التقسيم أو الحرب طويلة الأمد.
ويعتبر بعض المحللين أن الخرطوم تسعى إلى حشد الدعم الدولي عبر شيطنة الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع، فيما تحاول أبوظبي الاحتفاظ بموقعها كلاعب محوري في الملف السوداني، دون الانخراط المباشر في القتال أو تقديم دعم يُفضي إلى تصنيفها كطرف صراع.