في خضم الحرب السودانية المستعرة، تتزايد الشكوك والاتهامات حول دعم القاهرة للجيش السوداني، في وقت تصر فيه مصر على موقفها الرسمي الداعم لوحدة السودان واستقراره. وبين نفي القاهرة وتأكيدات الدعم السريع، يبرز الدور المصري كأحد أبرز محاور الجدل الإقليمي، وسط تساؤلات متصاعدة عن الدوافع والأهداف الحقيقية لهذا الانخراط.
اتهمت قوات الدعم السريع الحكومة المصرية بتقديم دعم عسكري مباشر للجيش السوداني، كاشفةً عن “أدلة مادية دامغة” تتضمن مركبات مصفحة وطائرات مسيّرة وذخائر مصرية الصنع وُجدت في محاور القتال بكردفان. كما أكدت أن مصر سلمت الجيش السوداني طائرات K-8 شاركت في قصف المدنيين، ووفرت دعماً لوجستياً وتدريبياً ودبلوماسياً للقيادة العسكرية في الخرطوم.
وفي تصريحات خاصة لـ”راينو”، وصف الناطق باسم تحالف “قمم”، عثمان عبد الرحمن سليمان، السلوك المصري بأنه “عدوان مباشر على الشعب السوداني”، معتبراً أن القاهرة تعمل على “إطالة أمد الحرب ومنع التحول الديمقراطي”.
وتستند التحليلات إلى أن دوافع مصر تشمل هواجس أمنية مرتبطة بمياه النيل، وخشية القاهرة من تقارب سوداني إثيوبي قد يؤثر على حصتها التاريخية، فضلاً عن سعيها للحفاظ على نفوذها الإقليمي عبر شراكة وثيقة مع المؤسسة العسكرية السودانية. ويشير مراقبون إلى أن زيارات عبد الفتاح البرهان المتكررة لمصر، وتزامنها مع تحولات مفصلية في المشهد السوداني، تؤكد عمق هذا التنسيق العسكري.
ورغم النفي الرسمي المصري، يؤكد محللون أن العلاقة بين الجيشين تعود إلى عقود، وسط مخاوف من أن تتحول إلى تبعية مؤسسية تؤثر على استقلال القرار السوداني. وفي هذا السياق، تُثار تساؤلات حول تأثير مصر في مؤسسات الري والزراعة، وحوادث مشبوهة مثل حرائق زراعية متكررة، وتعطيل مشاريع استراتيجية.
ومع استمرار الاتهامات ودعوات المحاسبة، يبقى الدور المصري في الحرب السودانية موضع جدل، بين من يراه دعماً استراتيجياً لحليف تاريخي، ومن يصفه بتدخل مباشر يساهم في إطالة الحرب وتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة. وبين هذه الأطراف، يبقى الشعب السوداني الخاسر الأكبر.