علي أحمد
نشر أحمد البلال الطيب، وهو صحفي له تاريخ طويل من العته والتيه والتسلق، منذ التحاقه بالصحافة في بداية سبعينيات القرن العشرين؛ حيث كان قبلها موظفاً صغيراً يبيع الطوابع في مصلحة البريد والتلغراف. وحتى اللحظة، ظل الرجل محض “بعرة معلقة تحت ذيل بعير أجرب”، غلاماً مطيعاً للأنظمة المستبدة وخادماً مخلصاً لها، بأقل قدر من الإمكانيات والمؤهلات التي يحملها، وهو في الواقع لا يحمل شيئاً.
نشر هذا المعتوه بالأمس على حسابه بمنصة (إكس) تسجيلاً صوتياً ما كان لينشره لو كان صحفياً حصيفاً، خصوصاً أنه من زبدة الصحفيين البلابسة وخلاصتهم. تحدث في التسجيل كوز متطرف يحمل صفة نائب رئيس المقاومة الشعبية في ولاية نهر النيل، عن الضربة القوية التي استهدفت بها مسيّرات قوات الدعم السريع قاعدة المعاقيل العسكرية التابعة لمليشيات الإخوان الإرهابية، بالقرب من مدينة شندي.
يقول الكوز في التسجيل إن عدد القتلى جراء قصف المسيّرات بلغ 10 مجندين، منهم 3 من المنطقة الغربية (غرب السودان) وجزء من مستنفري ولاية الجزيرة (وسط السودان)، مضيفاً: “الحمد لله رب العالمين لم يُصب أحد من أبنائنا في لواء الكرامة”. ويقصد بأبنائنا منسوبي ولاية نهر النيل في مليشيات الإخوان. وبالتالي، فإن الرجل أسفر عن قبحه وعنصريته وانحيازه الجهوي والإثني لأبناء منطقته وجِلدته، بينما لا يهمه إن كان القتلى من غرب السودان أو وسطه أو شرقه، طالما أن “أبناءه” بخير (والحمد لله كويسين).
إشارة مهمة وردت في التسجيل، وهي أن قادة الجيش يسربون المعلومات العسكرية إلى أمراء الحرب من قادة المليشيات الإرهابية الكيزانية. فقد قال الرجل المهبول إنه حصل على هذه المعلومات من المقدم بالجيش محمد عبد الله البشير، أحد قادة قاعدة المعاقيل التي تبعد عن مدينة شندي شمال العاصمة الخرطوم بنحو 177 كيلومتراً. وتمثل القاعدة مركزاً دفاعياً متقدماً لحماية ولاية نهر النيل من أي توغل محتمل لقوات الدعم السريع. لذلك، فإن تمكُّن مسيّرات قوات الدعم السريع من الوصول إليها وإصابة بعض الأهداف يُعدّ تقدماً نوعياً ربما سيكون له ما بعده.
إن ما يهمني في حديث نائب قائد المستنفرين في التسجيل الصوتي ليس وصف المعركة ولا الخسائر التي نجمت عنها، فهو لم يذكر أن (7) من جنود القاعدة أصيبوا إصابات بالغة، وأن بعضهم حالات ميؤوس منها، وربما يرتفع عدد القتلى في أي لحظة. ما يهمني هو النظرة العنصرية والتمييزية بين المستنفرين أنفسهم. فمنسوبو نهر النيل والشمالية يأتون في المقدمة، ثم أبناء الجزيرة والشرق، وأخيراً الغرب. فإذا قُتل مستنفرون من غرب السودان ووسطه وشرقه، فهذا غير مهم – إنهم مجرد أرقام – لا يعنون شيئاً ولا بواكيَ عليهم. أما أبناء الشمال، فينبغي توفير كل الإمكانيات التي من شأنها تقليل الخسائر البشرية بينهم.
هذا هو مغزى التسجيل الصوتي للرجل العنصري المقيت، وهذا هو تفسير قوله “الحمد لله لم يُصب أحد من أبنائنا في لواء الكرامة”، وأن من قُتلوا هم أبناء (الغربية والجزيرة). يا للبؤس والقبح وسوء الخلق. لكن هذا هو مصير كل من يرمي بيضه في سلة الكيزان. فهؤلاء لا دين ولا أخلاق لهم، وما نعاني منه وتعاني منه بلادنا اليوم هو من صنع أيديهم الملوثة وأدمغتهم الخربة. لكن ذلك لن يطول؛ سيأتي يوم قريب يأفل فيه نجمهم ويغيب عن سمائنا إلى الأبد.