في حدث نادر وغير مسبوق في تاريخ امتحانات الشهادة الثانوية في السودان، جلس طالب واحد فقط لأداء الامتحان في قاعة مخصصة لاستقبال ثلاثين طالبًا. وفي مشهد غير عادي، كان يتوسطه مراقبان بينما يتنقل نظره بين المقاعد الفارغة التي لا تضم سوى ورقة الامتحان الموضوعة أمامه، بالإضافة إلى ورقة صغيرة مكتوب عليها رقم جلوسه.
تكرر هذا الموقف في غرفة أخرى بنفس مركز المهندس المخصص للبنين في المعيلق، والتي كانت مخصصة لـ 126 طالبًا من مدرسة شيخ مجذوب بالدامر، حيث كان من المفترض أن يصل الطلاب من ولاية الجزيرة لتقديم الامتحانات في ولاية نهر النيل، ولكن بسبب الظروف الحالية، لم يتواجد إلا أربعة طلاب فقط في الغرف الأخرى، بمعدل طالبين في كل غرفة.
وفي مركز المهندس الخاص للبنات في المعيلق، الذي يقع بالقرب من مدرسة رفيدة للبنات، كانت هناك 10 طالبات فقط من أصل 270 طالبة، توزعت أسماؤهن في غرف المركز، لكن لم يفتح معظمها بسبب غياب الطالبات.
أكد طلاب ومعلمون تحدثوا إلى الساقية برس أن سبب الغياب الجماعي يعود إلى منع قوات المليشيا الطلاب من مغادرة ولاية الجزيرة. وبحسب شهادات الطلاب، فإن غياب الآلاف من الطلاب الذين حصلوا على أرقام جلوس يرجع إلى عدم تمكنهم من الخروج من المناطق التي تسيطر عليها المليشيات، مما أثار صدمة وتفاجؤًا في المراكز الامتحانية.
ووصف أحد الطلاب شعوره قبل دخوله الامتحان بأنه كان مزيجًا من الخوف والوحدة، حيث كان يجلس بمفرده في امتحانات انتظرها لعامين. ورغم سعادته بتمكنه من الوصول إلى الدامر لأداء الامتحانات، إلا أنه شعر بالحزن الشديد لغياب العديد من أصدقائه الذين لم يتمكنوا من الحضور بسبب الأوضاع الأمنية.
هذه الحكاية تسلط الضوء على تداعيات الحرب التي عصفت بالسودان، والتي أثرت بشكل كبير على العملية التعليمية وحولت ما كان يجب أن يكون يومًا عاديًا في حياة طلاب الشهادة الثانوية إلى مشهد مليء بالتحديات والصعوبات.