يعد قطاع الثروة الحيوانية في السودان من أهم الركائز الاقتصادية للبلاد، حيث يعتمد عليه نحو 26 مليون سوداني بشكل مباشر. ومع ذلك، يعاني هذا القطاع الحيوي من تداعيات مدمرة جراء النزاع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. الحرب التي تستمر منذ أكثر من 20 شهراً تسببت في أضرار جسيمة لرعاة الماشية، الذين تكبدوا خسائر فادحة بسبب القصف العشوائي والنهب والاقتتال القبلي.
الخسائر الاقتصادية والإنسانية
يشير بخيت الفايق، أحد رعاة الماشية في شمال كردفان، إلى أن الحرب حولت المناطق الرعوية إلى ساحات قتال، مما أدى إلى مقتل العديد من الرعاة وسرقة الآلاف من رؤوس الماشية. فقد تم نهب أكثر من 750 رأساً من الماعز و180 رأساً من الضأن و90 رأساً من الأبقار، بالإضافة إلى مقتل العديد من الرعاة أثناء محاولاتهم مقاومة اللصوص المسلحين. كما شهدت المناطق في دارفور وكردفان نقصاً كبيراً في المراعي بسبب تدمير البيئة وتعرض المراعي للهجوم من قبل الجماعات المسلحة.
توقف الصادرات وتدمير الأسواق
من جانب آخر، توقف قطاع تصدير المواشي، الذي كان يعتبر أحد مصادر النقد الأجنبي الرئيسة للسودان، نتيجة للاضطرابات الأمنية. حافظ كاكوم، راعي أبقار في ولاية جنوب دارفور، يشير إلى أن الحرب دمرت أحد أهم أسواق الماشية في الإقليم، مما أثر بشكل كبير على حركة التجارة الداخلية والخارجية. أسفرت الضربات الجوية والمدفعية عن موت العديد من الحيوانات، بالإضافة إلى تدمير المراعي الطبيعية، مما أدى إلى صعوبة التنقل بين المراعي والحد من القدرة على تلبية احتياجات الأسواق المحلية والعالمية.
أزمة المراعي والموارد
تصاعد القتال بين الأطراف المتنازعة في كردفان ودارفور أدى إلى صعوبة وصول الرعاة إلى المراعي التقليدية، مما تسبب في نقص حاد في المياه والكلأ. سعد خليفة، أحد رعاة المواشي في مدينة الفولة غرب السودان، أكد أن الرعاة يواجهون صعوبة كبيرة في التنقل بين المراعي الآمنة بسبب المخاطر الأمنية، مما يزيد من المعاناة.
التداعيات الاقتصادية
يشير الخبير الاقتصادي الطاهر مجذوب إلى أن قطاع الثروة الحيوانية كان يشكل دعامة اقتصادية للسودان بمتوسط عائدات يصل إلى مليار دولار سنوياً من صادرات المواشي. الحرب أدت إلى إغلاق الطرق التجارية، وتسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. كما تسببت الاقتتالات القبلية في تعطيل حركة الرعاة، مما أسهم في تفاقم الوضع الاقتصادي للقطاع.
الثروة الحيوانية كمصدر اقتصادي
يُعد السودان من أكبر الدول العربية والأفريقية في الثروة الحيوانية، حيث يُقدر عدد الحيوانات في البلاد بحوالي 103 ملايين رأس، تشمل 30 مليون بقرة، و37 مليون رأس من الأغنام، و33 مليون رأس من الماعز، بالإضافة إلى 3 ملايين من الإبل. ولكن استمرار النزاع يهدد بإغراق هذا القطاع الحيوي في أزمات كبيرة قد تؤدي إلى انهيار كامل له في المستقبل القريب.
ختاماً، تواصل الحرب في السودان تدمير أحد أهم الأعمدة الاقتصادية للبلاد، حيث يواجه رعاة الماشية صعوبات كبيرة في الحفاظ على مواشيهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية.