تشهد غالبية ولايات السودان أزمة سيولة نقدية حادة وازدحامًا غير مسبوق أمام البنوك للحصول على الكاش لتغطية نفقات الحياة اليومية، وذلك في وقت يعاني فيه المواطنون من صعوبة الحصول على احتياجاتهم الأساسية بسبب نقص السيولة. البنك المركزي قد وجه البنوك بمنح العملاء 200 ألف جنيه يومياً لمن لديهم ودائع في حساباتهم، لكن العديد من البنوك لم تتمكن من توفير هذا المبلغ بسبب نقص السيولة.
شكا عدد من المواطنين من عدم قدرتهم على شراء أبسط السلع الأساسية مثل الخبز، مما دفعهم لاستخدام تطبيقات مصرفية مثل “بنكك” للشراء. ومع ذلك، فإن بعض المخابز ترفض التعامل مع هذه التطبيقات بسبب عدم توفر الأجهزة اللازمة للبائعين.
وصلت نسبة صرف الكاش عبر التحويلات عبر تطبيقات مثل “بنكك” و”فوري” إلى 10%، مع فرض عمولات تصل إلى 5 آلاف جنيه على كل 50 ألف جنيه يتم سحبها، و10 آلاف جنيه على كل 100 ألف جنيه. وقد أدى هذا إلى ركود في السوق نتيجة لعدم توفر السيولة.
أشار مصدر مصرفي لموقع “مداميك” إلى أن أزمة السيولة ترجع إلى عدم طرح فئة الـ500 جنيه الجديدة، مما يجعل البنوك غير قادرة على توفير المبالغ المطلوبة للعملاء. بعض البنوك تقدم 100 ألف أو 50 ألف جنيه يومياً فقط، فيما تعجز أخرى عن تلبية احتياجات عملائها بسبب نقص العملة.
وقد أدى استبدال العملة إلى تفاقم الأزمة، حيث لا تكفي الكميات المطبوعة لتلبية سحوبات العملاء. من جانب آخر، قال الباحث والمحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي إن أزمة السيولة تزيد من معاناة المواطنين في الحصول على السلع الاستهلاكية، لا سيما في المناطق المتأثرة بالصراعات حيث يصعب الحصول على العملات الورقية. وأشار إلى أن التحول إلى التعاملات الإلكترونية يحتاج إلى وقت حتى تستقر الأوضاع.
وفيما يخص الأسعار، ذكر فتحي أن الأسعار تختلف بشكل كبير بين الدفع نقدًا أو عبر التطبيقات الإلكترونية، إذ تتراوح الزيادة بين 10% إلى 20%. ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن أزمة السيولة تؤثر سلبًا على أسعار السلع، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعجزون عن تغطية نفقاتهم اليومية.
منظمات دولية وإنسانية حذرت من أن أزمة السيولة تفاقم من مشاكل تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، حيث ارتفعت تكاليف النقل والرحلات. منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، يواجه المواطنون صعوبات هائلة في تأمين قوتهم اليومي، بينما تواصل سلطة الأمر الواقع تخصيص الموارد لمتابعة الحرب دون مراعاة لتخفيف الأعباء المعيشية للمواطنين.