دخلت الأزمة السودانية مرحلة جديدة عقب التوقيع على ميثاق السودان التأسيسي، الذي يهدف إلى تشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وحلفاؤها، مما يعكس تحولًا في موازين القوى السياسية والعسكرية. ومع استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع، أصبحت التحالفات أكثر وضوحًا، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل الصراع، وما إذا كان هذا الميثاق سيدفع نحو السلام أم سيؤدي إلى مزيد من التعقيد.
تفاصيل التوقيع على الميثاق
جرت مراسم التوقيع على الميثاق في نيروبي وسط تعتيم إعلامي وإجراءات مشددة، حيث وقع عليه عبد الرحيم دقلو عن قوات الدعم السريع، وجوزيف توكا عن الحركة الشعبية – شمال (جناح عبد العزيز الحلو)، والهادي إدريس عن حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، بالإضافة إلى شخصيات سياسية بارزة مثل فضل الله برمة ناصر عن حزب الأمة القومي، وإبراهيم الميرغني عن الحزب الاتحادي الأصل.
أكد الموقعون أن هدف الميثاق هو “إنهاء الحرب، وتحقيق السلام العادل، وإيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، واستعادة المسار الديمقراطي، وتأسيس جيش جديد.” كما نص الميثاق على حظر تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو عرقي، وضرورة كفالة الحريات العامة وفق مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
انعكاسات التوقيع على الصراع
يرى المراقبون أن التوقيع على الميثاق قد يغيّر موازين القوة داخل السودان، إذ أنه يمثل محاولة من الدعم السريع لإضفاء طابع سياسي على تحركاته العسكرية، وكسب حلفاء جدد من القوى المسلحة والقوى المدنية التي تشعر بالتهميش من قبل الجيش.
يقول المحلل السياسي السوداني أحمد خليل، الذي حضر التوقيع في نيروبي، إن أحد أبرز التحديات التي واجهت المفاوضات كان الخلاف حول علمانية الدولة والفصل بين الدين والسياسة، حيث تمكنت الحركة الشعبية من فرض رؤيتها على الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية داخل التحالف.
كما أشار إلى أن الميثاق يفتح الباب أمام امتلاك قوات الدعم السريع لقدرات عسكرية متطورة، مثل منظومات دفاع جوي وطيران، وهو ما قد يغير المعادلة العسكرية على الأرض، خاصة إذا حظي التحالف الجديد بدعم خارجي.
ردود الفعل السياسية
- معارضة داخلية: واجه الميثاق اعتراضات من بعض القوى السياسية والمدنية، خاصة بسبب غياب تمثيل المرأة في الوثيقة، ولأن العديد من القوى الموقعة عليه منشقة عن تنظيمات أكبر، مما يضعف فرص نجاحه.
- مخاوف من التقسيم: ترى بعض القوى المناوئة أن الميثاق قد يؤدي إلى تقسيم السودان فعليًا، حيث يتم الاعتراف بسلطتين متوازيتين، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
- رد فعل الجيش: على الجانب الآخر، يرى الجيش وحلفاؤه أن الميثاق يمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة الدولة، ويهدف إلى شرعنة سيطرة قوات الدعم السريع على بعض المناطق.
المستقبل السياسي للصراع
يرى المحلل السياسي مرتضى الغالي أن ميثاق نيروبي قد يطيل أمد الحرب بدلاً من إيقافها، حيث أصبح هناك حكومتان متنافستان، كل منهما تفتقر إلى الاعتراف الشعبي الكامل. ويضيف أن غياب قيادة موحدة للسودانيين يعقّد فرص الحل السلمي، إذ لا يوجد طرف يمكنه فرض تسوية سياسية شاملة.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمثل ميثاق السودان التأسيسي خطوة نحو السلام، أم أنه سيؤدي إلى مزيد من الانقسام؟