بينما تدخل الحرب السودانية عامها الثالث، يتّبع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان سياسة إعلامية تقوم على التضليل واستدرار التدخلات الخارجية، وسط تصاعد التقارير الأممية التي تتهم الجيش بارتكاب “جرائم حرب”، بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية والتجويع كسلاح.
ووفق شهادات ميدانية ووثائق دولية، عمد الجيش السوداني إلى قصف مناطق مأهولة بالطيران الحربي، وتدمير منشآت مدنية كالمستشفيات والمدارس، بينما تشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة وصحيفة “نيويورك تايمز” إلى استخدام أسلحة كيميائية في دارفور والخرطوم.
وقد أعرب مسؤولون أميركيون عن “قلق بالغ” من تكرار هذه الانتهاكات، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى توسيع حظر الأسلحة على السودان بأكمله. كما حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان من وقوع “إعدامات خارج القانون” بحق المدنيين في مناطق استعاد الجيش السيطرة عليها.
في سياق متصل، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على البرهان في يناير الماضي، متهمة إياه بعرقلة الانتقال الديمقراطي، واستخدام التجويع كأداة قمع، إذ يواجه أكثر من 30 مليون سوداني خطر المجاعة وسط تعطيل إيصال المساعدات الإنسانية.
من جانبها، قدمت دولة الإمارات مساعدات إنسانية تجاوزت 3.5 مليار دولار، إلا أن الجيش السوداني – وفق تقارير مستقلة – قام بعرقلة توزيعها في المناطق الخارجة عن سيطرته.
ورغم تصاعد الدعوات الدولية لوقف الحرب، فإن الجيش واصل تصعيده، مع مقاطعة غالبية جلسات مؤتمر جدة، متجاهلًا المبادرات السياسية. وتؤكد تسريبات استخباراتية حديثة أن الجيش عقد صفقات تسليح سرية مع إيران وروسيا والصين، مقابل وعود بتمكينها من قواعد عسكرية وموانئ استراتيجية.
وفي ظل هذا المشهد المتأزم، تستمر سياسة الجيش في ترويج روايات “المؤامرات الخارجية” لإخفاء الانتهاكات، ما يعمّق عزلة السودان الدولية، ويفاقم معاناة المدنيين.