بقلم: سوما المغربي
إرادة ونضال صنع دولة ومؤسسات خالية من العنصرية والجهوية وجيش يمثل الشعب
لقد أتت الحرب على قوات الدعم السريع بعد
اشتراط حميدتي “تطهير الجيش من الضباط الإسلاميين الذين كرس لتمكينهم الرئيس المعزول عمر البشير طوال فترة حكمه لـ30 عاماً”، وكانت البداية في فعاليات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري في السودان التي تناقش آليات دمج الجيوش المتعددة بالبلاد في جيش مهني واحد والتي وضع فيها البرهان حجر العثرة عندما أشترط أن يتم الدمج في سنتين، وهو يعلم تماما أن إتفاق سلام جوبا قد أعطى ١٠ سنوات للحركات ليتم الدمج وتسوية الملفات جميعها، وهذه كانت الشرارة التي سبقت شرارة الحرب الأولى من نظام الإخوان وجيشهم ومليشياتهم ضد الدعم السريع وحركات الكفاح والقوى الثورية بل حتى الشارع السوداني الثائر وكانت بداية الإنتقامات والتصفيات العرقية والممنهجة تجاه الجميع.
مسألة دمج الجيوش العديدة في جيش واحد كانت ضرورة لأنه لا توجد دولة حديثة لديها أكثر من جيش، والقيام بهذه المهمة ممكن بخاصة أن السودان يمتلك خبرات حيال عمليات الدمج، إذ سبق أن تم ذلك بدمج قوات الأنانيا بموجب اتفاق أديس أبابا 1972، وأيضاً في اتفاق نيفاشا 2005، واتفاق الدوحة 2011 وأسمرا 2011، إذ تم استيعاب ودمج مجموعات كبيرة من القوات التي كانت مناوئة للحكومة، فالخبرة والإرادة موجودتان، فضلاً عن أن هذه العملية تمثل أهم مطالب وشعارات الشعب السوداني التي ظل ينادي بها في ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت نظام الرئيس السابق عمر البشير، ولكن كان الإخوان السودان رأي آخر وهو ان لا شراكة تعيد توزيع السلطة والمناصب والثروة والحقوق بعدالة ومساواة مع الجميع فكان أن قلبوا عاليها أسفلها والنتيجة ما نراه اليوم بأم أعيننا وعايشه بحرب أبريل التي أصبحت ثورة أبريل المطالب الهامش العريض التي أولها جيش قومي موحد.
ولأنه تاريخيا قد كان للحركة الشعبية دورها من بعد إنفصالها عن الحركة الأم من بعد إنفصال جنوب السودان، بعدما قاد الحلو جناح من الحركة في كاودا وأنشأ إدارة مدنية ذاتية الحكم
عليه فأن الرؤية الشجاعة التي تطرحها الحركة الشعبية و مناداتها بالدولة العلمانية وتكوين جيش مهني موحد قد قابلها القائد حميدتي القائد العام لقوات الدعم السريع بشجاعة مماثلة جعلته يفضل خيار الوحدة للبلاد، كما انها الطرح المفضل للسواد الأعظم من السودانيين الذين إكتووا منذ الاستقلال بنيران التسييس الديني وهيمنة الجيش على مؤسسات الدولة ، فلا مستقبل لسودان موحد في ظل الغطرسة الدينية وهيمنة المؤسسة العسكرية، النظام الإخواني النخبوي العنصري الذي يميز النخب الشمالية في قيادة المؤسسات والجيش أو من كان هامشي من غير المركز الشمالي لكنه أصيل بالحركة الإخوانية، حيث لا أعتراف بالاخرين مواطنين متساويين في المواطنة الحقيقة الكاملة ومن هنا جاء الإتفاق السياسي الذي أعقبه الإتفاق العسكري في ميثاق تأسيس الدستور بنيروبي والذي وضع الأساس لتكوين الجيش السوداني الموحد وقد كان لحميدتي والحلو وقادة القوى الثورية قوة قرار بدمج جيوشهم وقد تبين أثر ذلك في إنتصارات النيل الأزرق التي جمعت قيادات الحركة الشعبية وقيادات الدعم السريع، ثم المناطق التي تم تحريرها بإقليم كردفان، ومن بعد ما قامت به قوات الهادي إدريس وطاهر حجرفي مدينة الفاشر، وقد ثبت بالدليل الواقعي للأحداث أن الدولة الجديدة وسياستها تجاه المؤسسة العسكرية الموحدة التي أبتدؤها فعليا لهي الأجدى لتكوين قوة ضاربة لجيش حقيقي لا يحمل سمات العهد القديم من عنصرية وجهوية وقيادة متسلطة رعناء مؤدلجة، ولعادالمضي في العمل المشترك بدمج القوات لدولة التأسيس فعليا من أرض الميدان كان هو الفعل الإيجابي الحقيقي الذي مثل دولة العدالة وتساوي الحقوق.
لقد مضى و أنقضى و الى الأبد عهد الوصاية والإستعباد و الإسترقاق بإسم الدين وبإسم الحكم العسكري النخبوي المؤدلج، فللسودانيين المهمشين في جبال النوبة و النيل الازرق ولوالدي دارفور وكردفان الحق بأن يكون أبنائهم قادة هذه الدولة وقادة جيشها، بعدما كان خيارهم الوحدة والحرية والحقوق العادلة لمجتمعاتهم.
وإن تقرير المصير حق يكفله المجتمع الدولي و المؤسسات الأممية و مجلس الامن و الأمم المتحدة وهو حق مكفول للشعوب المضطهدة يختارونه حال استحالة العيش في وطن و دولة لا يحقق لهم أدني حقوق المواطنة من الحقوق و العدالة و المساوة بل يكفل لهم حق الإعتراف بحكومة صنعوها بطريق نضال وعزم وقدموا فيها أبنائهم شهداء لأجل الحرية والإنعتاق، وهي رسالة للعالم أجمع انهم أجتمعوا على دولة جديدة تكفل لهم ما يريدونه وما صنعوه بإرادتهم.