لاهاي – SPT
شهد قصر السلام في لاهاي بهولندا، يوم الخميس 10 أبريل، انطلاق أولى جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى المقدّمة من حكومة السودان الحالية، والتي تتخذ من مدينة بورتسودان مقرًا لها، ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية في إقليم دارفور.
وتتهم الحكومة السودانية أبوظبي بتقديم دعم عسكري ومالي لقوات الدعم السريع، التي تشير التقارير الأممية إلى تورطها في هجمات مروعة على مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، منتصف يونيو 2023. وأسفرت تلك الهجمات، بحسب “هيومن رايتس ووتش”، عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد مئات الآلاف، معظمهم من إثنية المساليت.
مرافعات متضادة في لاهاي
في الجلسة الافتتاحية، طالب وزير العدل السوداني، معاوية عثمان، المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة تلزم الإمارات بوقف دعمها المزعوم، مع تقديم تقارير دورية توضح الإجراءات المتخذة. في المقابل، دعت ممثلة الإمارات، ريم كتّيت، المحكمة إلى شطب القضية نهائيًا، ووصفتها بأنها “إساءة استخدام فاضحة لمؤسسة دولية مرموقة”، معتبرة أن الدعوى تفتقر لأي أساس قانوني أو واقعي.
تناقض أخلاقي يثير التساؤلات
أبرز ما أثار الجدل في أوساط الحقوقيين والسياسيين السودانيين هو “المفارقة الأخلاقية” في كون الحكومة الشاكية نفسها تضم شخصيات مرتبطة بجرائم وانتهاكات سابقة. وقال المحامي السوداني البارز، معز حضرة، في تصريح خاص:
“القائمون على حكومة بورتسودان اليوم هم ذاتهم الذين يعرقلون العدالة الدولية، ويرفضون تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى رأسهم عمر البشير وأحمد هارون”.
ازدراء متواصل للعدالة الدولية
ورغم تجديد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، طلبه تسليم المسؤولين السودانيين المتهمين بجرائم إبادة جماعية، إلا أن الحكومة السودانية واصلت التهرب، مدعية أن الأدلة قد دُمّرت أثناء الحرب. كما صرح نائبها العام بأن السودان يملك “عدالة وطنية لا تحتاج إلى محاكم دولية”.
موقف قانوني ضعيف؟
وفقًا لتحليلات قانونية، تفتقر الدعوى السودانية إلى الأسس القانونية الصلبة، خاصة في ظل تحفظ الإمارات عند توقيعها على اتفاقية الإبادة الجماعية، والذي يشمل المادة التاسعة المتعلقة باختصاص محكمة العدل الدولية. ويرى خبراء القانون، من بينهم مايكل بيكر، أستاذ القانون الدولي بجامعة ترينيتي – دبلن، أن المحكمة على الأرجح ستخلص إلى “عدم اختصاصها للنظر في القضية”.
خاتمة
بين تناقض أخلاقي قانوني، وفجوة مصداقية تتسع، تبقى قضية السودان ضد الإمارات واحدة من أكثر الدعاوى المثيرة للجدل على الساحة الدولية، ليس فقط لما تطرحه من اتهامات ثقيلة، ولكن لما تعكسه من هشاشة في التعاطي مع مبادئ العدالة الدولية.