لم يكن معسكر زمزم للنازحين الواقع جنوب مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور مجرد مكان لإيواء آلاف المدنيين الذين فرّوا من ويلات الحرب، بل كان يمثل رمزًا لمعاناة مستمرة، وملاذًا إنسانيًا في قلب صراع دموي. لكن في الأشهر الأخيرة، تحوّل هذا المخيم تدريجيًا إلى قاعدة عسكرية تستخدمها القوات المشتركة التابعة للجيش وبعض الفصائل الموالية له، ما أثار موجة من القلق والاستنكار محليًا ودوليًا.
وجود عسكري مريب
وفقًا لتقارير ميدانية وشهادات سكان وناشطين محليين، بدأت قوات مسلحة منذ مطلع عام 2025 بالانتشار في محيط المعسكر، قبل أن تتوسع تدريجيًا إلى داخله، تحت ذريعة “تأمين النازحين”. إلا أن ذلك الوجود تطوّر سريعًا إلى تحصينات عسكرية ونقاط مراقبة، بل وتم استخدام بعض المباني والمرافق الأساسية كمخازن للسلاح ومواقع للتمركز.
وأشارت شهادات من داخل المخيم إلى أن القوات نصبت سواتر ترابية وخنادق حول أجزاء من المعسكر، ومنعت بعض منظمات الإغاثة من دخول مناطق معينة، بحجة وجود “ترتيبات أمنية”.
خطر يهدد المدنيين
تقول منظمة محلية عاملة في مجال الإغاثة إن تحويل المعسكر إلى قاعدة عسكرية “يمثل خرقًا فاضحًا لمبدأ الحماية الإنسانية ويعرض حياة عشرات الآلاف من المدنيين للخطر المباشر، خاصة في ظل تكرار القصف الجوي والمعارك المتنقلة”.
كما عبّر نازحون عن خوفهم من أن يتحوّل المعسكر إلى هدف عسكري محتمل في أي لحظة، وسط تقارير عن قصف سابق طال مناطق قريبة من زمزم بسبب الاشتباه في وجود قوات مسلحة فيها.
صمت رسمي وسط تنديد حقوقي
رغم تصاعد القلق، لم تصدر السلطات الرسمية في الفاشر أو بورتسودان أي تعليق واضح حول تمركز القوات في المعسكر. لكن منظمات حقوقية سودانية ودولية أدانت بشدة هذا التحوّل، مطالبة بإخراج جميع التشكيلات المسلحة من المخيمات، واعتبرت ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
وفي بيان حديث، قالت منظمة عيون الحقوقية إن “أي استخدام لمخيمات النزوح لأغراض عسكرية يُعد جريمة ضد المدنيين ويقوض حياد المساعدات الإنسانية ويعرض المدنيين لخطر فادح”.
الخلاصة
تحوُّل معسكر زمزم إلى قاعدة عسكرية يسلّط الضوء على واحدة من أخطر ممارسات الحرب في السودان، حيث تتقاطع الانتهاكات مع هشاشة الأوضاع الإنسانية. وفي ظل صمت حكومي وتراجع المجتمع الدولي عن التدخل الفعّال، يظل النازحون داخل زمزم رهائن لخطر دائم، في مكان كان يفترض أن يكون ملاذًا من الخوف لا مركزًا له.