في مشهد يعكس هشاشة التحالفات العسكرية في السودان، طفت إلى السطح خلافات حادة بين اثنين من أبرز حلفاء الجيش: حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وفصيل درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل. هذا الصراع العلني بين الطرفين – وإن بدأ كحرب تصريحات – ينذر بتحول خطير في موازين القوى داخل معسكر الجيش، وربما يعجّل بتفككه.
جوهر الخلاف:
أطلق أبو عاقلة كيكل شرارة التوتر بانتقادات لوزارة المالية التي يتولاها جبريل إبراهيم، متهمًا إياها بالتقصير في دعم مشروع الجزيرة الزراعي. رد العدل والمساواة جاء عنيفًا، عبر مقال نشر ثم سُحب سريعًا، اتهم كيكل بالنهب وارتكاب جرائم ضد المدنيين، في تصعيد غير مسبوق بين أطراف يفترض أنهم يقاتلون ضمن تحالف واحد.
ردود وتطورات:
محاولة العدل والمساواة التنصل من المقال لم تخفِّف التوتر، بل زادته، مع نفيها الاعتذار وتوجيه أصابع الاتهام للدعم السريع بفبركة البيان، في وقت فسره مراقبون بأنه يعكس انقسامات عميقة داخل الحركة ذاتها، وخروج الخطاب الإعلامي عن السيطرة.
تحليل المشهد:
يرى محللون أن ما يجري هو نتيجة طبيعية لتحالفات قائمة على المصالح لا المبادئ، وسط سعي كل طرف لاقتناص شرعية سياسية أو نفوذ اقتصادي في ظل الدولة المنهارة. كما أن انسحابات الدعم السريع في مناطق معينة أعطت حلفاء الجيش شعورًا زائفًا بالقوة، ما دفعهم لتنازع الغنائم.
أجندات متناقضة:
المواجهة الإعلامية بين كيكل وجبريل تعكس صراعًا أعمق بين فصائل تتنازع على أدوار البطولة في حرب معقدة، دون مشروع وطني موحَّد. فجبريل، المتهم من خصومه بالعودة إلى أحضان الإسلاميين، يقف على الضفة المقابلة من كيكل الذي يُعتبر أحد رجال البرهان الموثوقين. وهنا يصبح الصراع أكثر من مجرد “تصريحات” بل معركة على النفوذ داخل معسكر مأزوم.
من المستفيد؟
تعددت التفسيرات حول المستفيد من تفكك هذا المعسكر، إلا أن الدعم السريع، بحكم كونه العدو الرئيسي للطرفين، يظل أكبر الرابحين من أي انقسام بين خصومه. كذلك هناك فصائل داخلية ساخطة على جبريل تسعى لاستثمار هذه الأزمة لإعادة رسم خارطة القيادة داخل العدل والمساواة.
خلاصة:
الخلاف بين كيكل وجبريل قد لا يكون سوى بداية لانهيار أوسع في معسكر الجيش، مع اشتداد الصراع بين مكوناته المسلحة على المال، السلاح، والشرعية. وفي ظل غياب رؤية سياسية موحدة، فإن التفكك قد لا يكون مجرد خطر محتمل، بل واقع يلوح في الأفق.