في خطوة وُصفت بأنها “تصعيد ضمني” ضد الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، كشفت مصادر مطلعة لصحيفة مسارات نيوز عن تخصيص سبع وزارات فقط لتلك الحركات في التشكيل الوزاري المرتقب برئاسة كامل إدريس، رئيس وزراء الحكومة الموالية للجيش في بورتسودان.
ورغم مشاركة بعض هذه الحركات في القتال ضمن “القوات المشتركة” إلى جانب الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع، لم تُمنح أية وزارة سيادية أو ذات طابع اقتصادي محوري — في مقدمتها وزارة المالية ووزارة المعادن — مما فُسّر في أوساط داخل الحركات بأنه تهميش متعمد أو محاولة لقصقصة نفوذها السياسي والاقتصادي.
الوزارات المخصصة للحركات: من “المهمشة” إلى “الوظيفية”؟
وفقًا للتسريبات، فقد تم تخصيص الوزارات التالية:
- وزارة النقل
- وزارة العمل والهجرة
- وزارة الطاقة والنفط
- وزارة حقوق الإنسان والشؤون الإنسانية
- وزارة الحكم المحلي والاتحادي
- وزارة تنظيم شؤون السودانيين بالخارج
- وزارة الاستثمار
ورغم أن بعضها يُعد من الوزارات المؤثرة (مثل الطاقة والاستثمار)، إلا أن غياب المالية والمعادن — وهما المرتبطتان مباشرة بمراكز القرار الاقتصادي والسيادي — يشير إلى رغبة الجيش في إبقاء الملف المالي تحت سيطرته المباشرة، لا سيما في ظل الاتهامات المتصاعدة باستخدام الموارد لتغذية آلة الحرب.
غضب متصاعد داخل الحركات المسلحة
نقلت الصحيفة عن قيادات ميدانية في الحركات المسلحة رفضها لهذا التقسيم الوزاري، واعتبرته “استهدافًا مباشرًا للقوات المشتركة”، وأضافت:
“هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وننتظر إعلانه الرسمي، ووقتها لكل حادث حديث”.
هذا التصريح يحمل تهديدًا مبطنًا بإمكانية انفجار سياسي أو حتى ميداني في حال تهميش هذه الحركات، خصوصًا تلك التي تعتبر نفسها شريكًا عسكريًا للجيش في المعركة ضد الدعم السريع.
دلالات غياب وزارة المالية: نهاية عهد جبريل؟
يمثل استبعاد الحركات من وزارة المالية ضربة قاسية لرئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، الذي شغل المنصب لنحو خمس سنوات. وقد اعتُبر وجوده على رأس الوزارة بمثابة مكسب كبير لحركته سياسيًا واقتصاديًا، رغم الاتهامات التي لاحقته بشأن الفساد والتحيّز.
الخطوة قد تكون أيضًا تلميحًا من الجيش لإنهاء ما تبقى من اتفاق جوبا عمليًا، دون إلغائه رسميًا، وذلك عبر تقليص نفوذ الحركات وتقليدها مناصب رمزية غير حاسمة.
هل ينهار اتفاق جوبا؟
تشير المعطيات إلى أن التحالف بين الجيش والحركات المسلحة في شرق البلاد بات هشًا، وسط اتهامات متبادلة بين بعض الحركات والدوائر العسكرية بـ”الاستئثار، والخيانة، والصفقات الجانبية”.
في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، فإن أي شرخ في العلاقة بين هذه الأطراف قد يقود إلى:
- انسحاب بعض الحركات من التحالف مع الجيش.
- إعادة تموضع سياسي وربما عسكري لبعضها.
- تصاعد الصراع داخل محور بورتسودان.
- تفكك جزئي لاتفاق جوبا.