بقلم سوما المغربي
يشهد تاريخ السودان أقوى فواصل تضع برزخاً بين أيام مضت وأخرى قادمة يميز هذا البرزخ فئتين هما قارئي السياسة والمؤمنين بالتغيير هؤلاء الإثنان من يدركون أن المخاض الذي أنجب سودان اليوم قد غير مسارات التاريخ وجعل العهد الجديد ممكنا.
قارئي السياسة علموا أن قيادة التغيير تتمثل فيمن قادوا قادرين سبل النضال مراهنين أن بتضحياتهم التي قدموها وبذلوا كل شيء لأجل الوقوف في وجه الظلم والإستبداد كانت هي وقود هذه المسيرة الطويلة حتى ميلاد الدولة السودانية بثوبها الجديد من بعد خلع القديم البالي المهتريء الذي قاد للموت والدمار والخراب فكان لابد من التجديد وإصلاح أخطاء الماضي التي عصفت بهذه البلاد وهنا كان لابد من خوض غمار الحروب واقول حروب لأنها أبتدأت منذ عهد طويل ربما يكون قبيل نيل الإستقلال في العام “٥٦ ” حتى أصبح الشعار اليوم “وداعا دولة ٥٦” وهنا إنما يرون في هذا الوداع ثوب الخلاص من التبعية والإمبريالة وحكم النخب والجهوية والمركزية التي كانت نار تلتهم أمال الشعب في أن يكون له حقوق كما كل شعوب العالم، وقد أنجز هذا التحول جمع من أبناء الوطن المخلصين لا يسع أن نذكرهم جميعا ولكن نقول التاريخ يشهد أن هناك قادةً وجنودا صدقوا فيما عاهدوا فكان الفوز حليفهم والنصر طريقهم.
وأما فئة للمؤمنين فهم الشعب الذي عانى في كل أصقاع هذه الأرض الكريمة وكان ينجب أبنائه ويعلم أن رحم هذه الأرض يخرج إليها الأبطال الذي سيقيمون لها مراجيح العدل والعقل ويقتحموا ويدكوا الحصون الغاشمة التي لازت بالفخامة والرفاهية ظاهرا والظلم والفساد باطنا، حتى تكشف عبر الأيام مدى سوأتهم وغيهم وضلالهم، فكانوا فئة بغي أوصلت هذه البلد لما حدث اليوم حديثا فكان آخر النكبات حرب أبريل، والحرب ذات نفسها كانت الشر الذي لا بد منه لتسيل دماءً زكية تروي هذه الأرض قدمها أبناء التضحية والفداء فاتورة أنفسٍ زكية آثرت شعبها على نفسها فقاتلت الظلم والإستبداد ليكون تحقيق حلم العدالة والحرية والديمقراطية الذي شاهدناه اليوم بأم أعيننا، وهذا كان جزاء قوم مؤمنين لم يروا هذا اليوم ولكنهم آمنوا بحضرته حتى تحقق لهم.
نعم لقد خاض الغمار جنود الميدان القتالي فنقول لهم تقبل الله الشهداء وشفى الجرحى وجزاهم الله عن هذا الشعب خير الجزاء فكانوا هم الأكرمين بيننا جميعا.
ويخوض اليوم من بعدهم خلفٌ جديد ميدان ساحات الدولة ليكون عهد البناء والإصلاح وإحقاق الحقوق لهذا الوطن وشعبه فلهم التحية والتقدير وكان العون من الله رفيق مسيرتهم.
وهؤلاء جميعا مازال طريق نضالهم مستمراً فلم ينتهي ما خرجوا لأجله وهو سودان كامل بدون كيزان وخالي من ظلمهم وظلامهم، مازالت المعارك قائمة على هذه الآرض وجنود يقاتلون في سبيل الهدف الآسمى ومعهم إخوتهم الذين يحملون مشعل البناء، يسيرون جميعا نحو طريق الخلاص الكامل الذي أكد تصميمهم على أن الشعار “سودان جديد يتقدم، سودان قديم يتحطم” هو نصب أعينهم حتى إكتمال المسير.
سوما المغربي
مارس٢٠٢٥