شمال دارفور – SPT
في مشهد يُجسّد التدهور المروّع للوضع الإنساني في السودان، تحوّل سوق طرة الأسبوعي بولاية شمال دارفور إلى مقبرة جماعية، عقب غارات جوية مدمرة نفذتها طائرات حربية تابعة للجيش، يوم الأحد 24 مارس 2025. الهجوم، الذي أسفر عن عشرات القتلى والجرحى، استهدف السوق الشعبي في وقت الذروة، حين كان يعج بالمدنيين، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
وفقًا لشهود عيان ومسعفين محليين، تسبب القصف في دمار هائل طال المحال التجارية وعربات الباعة المتجولين، فيما تناثرت جثث الضحايا وسط الركام، في مشهدٍ مروّع يصعب وصفه. وتم دفن عدد من الضحايا في مقابر جماعية مؤقتة، بسبب صعوبة الوصول إلى مواقع آمنة وافتقار المنطقة إلى خدمات طبية.
جريمة متكررة بحق المدنيين
ليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الضربات الجوية الأعيان المدنية والأسواق في مناطق النزاع، حيث سجلت منظمات حقوقية ودولية منذ بداية الحرب في أبريل 2023 عشرات الهجمات المماثلة في دارفور وكردفان والخرطوم، ما يشير إلى نمط ممنهج في استخدام القوة الجوية ضد التجمعات السكانية.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان، بينها “هيومن رايتس ووتش” و”أطباء بلا حدود”، سلاح الجو السوداني بارتكاب “جرائم حرب” و”هجمات عشوائية وغير متناسبة” ضد المدنيين. وقد وثّقت تلك المنظمات استخدام قنابل غير موجهة تُسقط على مناطق مأهولة بالسكان دون اعتبار لقواعد الاشتباك أو القانون الإنساني الدولي.
نداء عاجل للمجتمع الدولي
في أعقاب مجزرة طرة، أطلقت منظمات إنسانية وحقوقية نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف الانتهاكات الجسيمة وحماية المدنيين في السودان. وطالبت بفتح تحقيق دولي مستقل في الهجوم وتقديم المسؤولين عنه للمساءلة، مشيرة إلى أن “الإفلات من العقاب يغذّي دوامة العنف”.
وقال أحد النشطاء المحليين في تصريح لمراسلنا:
“لقد فقد الناس كل شيء — منازلهم، أحبّاءهم، وآخر ما تبقى لهم من أمل. السوق كان مصدر رزق وبقاء، والآن أصبح رمادًا.”
الخلاصة
مجزرة سوق طرة لا تمثّل حادثًا معزولًا، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي ترتكب بحق الشعب السوداني. وهي تذكير موجع بأن الحرب لا تفرّق بين مقاتل ومدني، وأن الكارثة الإنسانية في السودان بلغت مستويات تتطلب تدخلاً دوليًا عاجلًا يتجاوز الإدانات اللفظية.