في مؤشر خطير على تصاعد المخاوف من انهيار الوضع الأمني، بدأ عدد من تجار مدينة الدبة في الولاية الشمالية نقل بضائعهم ومخزونهم التجاري إلى مدن أخرى أكثر استقرارًا مثل عطبرة، حلفا، وبورتسودان، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ”تأسيس”.
وقال أحد التجار، فضل حجب اسمه، إن القرار جاء “كإجراء احترازي لحماية مدخراتنا من خطر متوقع”. وأضاف: “نحن لا نملك رفاهية الانتظار، وإذا ساءت الأوضاع الأمنية أكثر، قد نفقد كل شيء”.
غرب السودان كان الرئة التجارية
المصادر ذاتها أوضحت أن توقف شحن البضائع إلى غرب السودان مثّل ضربة موجعة للتجار في مدينة الدبة، الذين تعتمد نسبة كبيرة من تجارتهم على تلك المناطق. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80% من نشاطهم التجاري مرتبط بتزويد مدن وولايات الغرب السوداني بالسلع الغذائية، ومواد البناء، والحديد، والإسمنت، والأثاثات المنزلية.
ومع انقطاع هذا الشريان الحيوي، تعطّلت مصالح العديد من التجار، وبدأت موجة من النزوح التجاري الداخلي نحو مراكز يُعتقد أنها أكثر أمنًا واستقرارًا نسبيًا.
الكساد ينهش الأسواق
من جهة أخرى، تعيش أسواق الولاية الشمالية حالة ركود اقتصادي غير مسبوق، وسط ضعف شديد في القوة الشرائية. هذا الركود المستمر فاقم من أزمة التجار، وأجبر البعض على إغلاق محلاتهم أو تقليص حجم نشاطهم، بانتظار تحسن الظروف أو انفراج الأفق الأمني والاقتصادي.
خلاصة المشهد
بين سيف الانفلات الأمني من جهة، وسندان الانهيار الاقتصادي من جهة أخرى، يجد تجار الدبة أنفسهم أمام قرارات مصيرية. فالنقل إلى الشرق والشمال ليس مجرد حركة لوجستية، بل هو هروبٌ من واقع متقلب نحو أملٍ في النجاة.